فصل: حوادث سنة سبع وخمسين ومائتين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


  ذكر ابن الصوفي العلوي وخروجه بمصر

وفيها ظهر بصعيد مصر إنسان علوي وذكر أنه إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن بن أبي طالب عليه السلام ويعرف بابن الصوفي وملك مدينة أسنا ونهبها وعم شره البلاد‏.‏

فسير إليه أحمد بن طولون جيشا فهزمه العلوي وأسر المقدم على الجيش فقطع يديه ورجليه وصلبه فسير إليه ابن طولون جيشًا آخر فالتقوا بنواحي إخميم فاقتتلوا قتالًا شديدا فانهزم العلوي وقتل كثير من رجاله وسار هو حتى دخل الواحات وسيرد ذكره سنة تسع وخمسين ومائتين إن شاء الله تعالى‏.‏

  ذكر ظهور علي بن زيد على الكوفة وخروجه

عنها في هذه السنة ظهر علي بن يزيد العلوي بالكوفة واستولى عليها وأزال عنها نائب الخليفة واستقر بها‏.‏

فسير إليه الشاه بن ميكال في جيش كثيف فالتقوا واقتتلوا فانهزم الشاه وقتل جماعة كثيرة من أصحابه ونجا الشاه‏.‏

ثم وجه المعتمد إلى محاربته كيجور التركي وأمره أن يدعوه إلى الطاعة ويبذل له الأمان فسار كيجور فنزل بشاهي وأرسل إلى علي بن زيد يدعوه إلى الطاعة وبذل له الأمان فطلب علي أمورًا لم يجبه إليها كيجور فتنحى علي بن زيد عن الكوفة إلى القادسية فعسكر بها ودخل كيجور إلى الكوفة ثالث شوال من السنة ومضى علي بن زيد إلى خفان ودخل بلاد بني أسد وكان قد صاهرهم وأقام هناك ثم سار إلى حنبلاء‏.‏

وبلغ كيجور خبره فأسرى إليه من الكوفة سلخ ذي الحجة من السنة فواقعه فانهزم علي بن زيد وطلبه كيجور ففاته وقتل نفرًا من أصحابه وأسر آخرين وعاد كيجور إلى الكوفة فلما استقامت أمورها عاد إلى سر من رأى أمر الخليفة فوجه إليه الخليفة نفرًا من القواد فقتلوه بعكبرا في ربيع الأول سنة سبع وخمسين ومائتين‏.‏

  ذكر عدة حوادث

وفيها تقدم سعيد بن صالح الحاجب لحرب صاحب الزنج من قبل السلطان‏.‏

وفيها تحارب مساور الخارجي وأصحاب موسى بن بغا بناحية خانقين وكان مساور في جمع كثير وكان أصحاب موسى بن بغا نحومائتين فالتقوا بمساور وقتلوا من أصحابه جماعة كثيرة‏.‏

وفيها وثب محمد بن واصل بن إبراهيم التميمي وهومن أهل فارس ورجل من أكرادها يقال له أحمد بن الليث بالحارث بن سيما عامل فارس فحارباه وقتلاه وغلب محمد بن واصل على فارس‏.‏

وفيها وجه مفلح لحرب مساور‏.‏

وفيها غلب الحسن بن زيد الطالبي على الري في رمضان فسار موسى ابن بغا إلى الري في شوال وشيعه المعتمد‏.‏

وفيها توفي الإمام أبوعبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري الجعفي صاحب المسند الصحيح وكان مولده سنة أربع وتسعين ومائة‏.‏

  حوادث سنة سبع وخمسين ومائتين

  ذكر عود أبي أحمد الموفق من مكة إلى سر من رأى

لما اشتد أمر الزنج وعظم شرهم وأفسدوا في البلاد أرسل المعتمد على الله إلى أخيه أبي أحمد الموفق فأحضره من مكة فلما حضر عقد له على الكوفة وطريق مكة والحرمين واليمن ثم عقد له على بغداد والسواد وواسط وكور دجلة والبصرة والأهواز وفارس وأمر أن يعقد لياركوج على البصرة وكور دجلة والبحرين واليمامة مكان سعيد ابن صالح فاستعمل ياركوج منصور بن جعفر الخياط على البصرة وكور دجلة إلى ما يلي الأهواز‏.‏

  ذكر انهزام الزنج من سعيد الحاجب

وفيها في رجب أوقع سعيد الحاجب بجماعة من الزنج فهزمهم واستنقذ ما معهم من النساء والنهب وجرح سعيد عدة جراحات‏.‏

وبلغه الخبر بمع آخر منهم فسار إليهم فلقيهم فهزمهم أيضا واستنقذ ما معهم فكانت المرأة من تلك الناحية تأخذ الزنجي فتأتي به عسكر سعيد فلا يمتنع عليها‏.‏

وعسكر سعيد بهطة ثم عبر إلى غرب دجلة فأوقع بصاحب الزنج عدة وقعات ثم عاد إلى معسكره بهطة فأقام إلى باقي رجب وعامة شعيان‏.‏

  ذكر خلاص ابن المدبر من الزنج

وفيها تخلص إبراهيم بن محمد بن المدبر من حبس الزنج وكان سبب خلاصه أنه كان محبوسًا في بيت يحيى بن محمد البحراني ووكل به رجلين منزلهما ملاصق المنزل الذي فيه إبراهيم فضمن لهما مالا ورغبهما فعملا سربًا إلى البيت الذي فيه إبراهيم فخرج هووابن أخ له يقال

  ذكر انهزام سعيد من الزنج وولاية منصور بن جعفر البصرة

وفيها أوقع العلوي صاحب الزنج بسعيد وكان سير إليه جيشا فأوقعوا به ليلا وأصابوا مقتلة من أصحاب سعيد فقتلوا خلقًا كثيرا وأحرقوا عسكره فضعف هوومن معه فأمر بالمسير إلى باب الخليفة‏.‏

ونزل بفراج بالبصرة فسار سعيد عن البصرة وأقام بها بفراج يحمي أهلها فرد السلطان أمرها إلى منصور بن جعفر الخياط بعد سعيد الحاجب وكان منصور يبذرق السفن ويحميها وسيرها إلى البصرة فضاقت الميرة على الزنج فجمع منصور الذا فأكثر منها وسار نحوصاحب الزنج فكمن له صاحب الزنج فلما أقبل خرجوا عليه فقتلوا في أصحابه مقتلة عظيمة وغرق منهم خلق كثير وحملوا من رؤوس أصحابه إلى البحراني ومن معه من الزنوج بنهر معقل‏.‏

  ذكر انهزام جيش الزنج بالأهواز

وفيها أرسل صاحب الزنج جيشًا مع علي بن أبان لقطع قنطرة أربك فلقيهم إبراهيم بن سيما

ثم إن إبراهيم سار قاصدًا نهر جي فأمر كاتبه شاهين بن بسطام بالمسير على طريق آخر ليوافيه بنهر جي بعد الوقعة مع علي بن أبان وكان علي بن أبان قد سار من الوقعة فنزل بالخيزرانية فأتاه رجل فأخبره بإقبال شاهين إليه فسار نحوه فاتقيا وقت العصر بموضع بين جي ونهر موسى واقتتلوا قتالًا شديدا ثم صدمهم الزنج صدمة صادقة فهزموهم وقتلوا شاهين وابن عم له وقتل معه خلق كثير‏.‏

فلما فرغ الزنج منهم أتاهم الخبر بقرب إبراهيم بن سيما منهم فسار علي نحوه فوافاه وقت العشاء الآخرة فأوقع بإبراهيم دفعة أخرى شديدة قتل فيها جمعًا كثيرًا‏.‏

قال علي بن أبان‏:‏ وكان أصحابي قد تفرقوا بعد الوقعة مع شاهين ولم يشهد معي حرب إبراهيم غير خمسين رجلا وانصرف علي إلى جي‏.‏

  ذكر أخذ الزنج البصرة وتخريبها

لما سار سعيد عن البصرة ضم السلطان عمله إلى المنصور بن جعفر الخياط وكان منه ما ذكرنا ولم يعد منصور لقتاله واقتصر على تخفير القيروانات والسفن فامتنع أهل البصرة فعظم ذلك على العلوي فتقدم إلى علي بن أبان بالخيزرانية ليشغل منصورًا عن تسيير القيروانات فكان بنواحي جي والخيزرانية وشغل منصورأن فعاد أهل البصرة إلى الضيق وألح أصحاب الخبيث عليهم بالحرب صباحًا ومساءً‏.‏

فلما كان في شوال أزمع لخبيث على جمع أصحابه لدخول البصرة والجد في إخرابها لضعف أهلها وتفرقهم وخراب ما حولهم من القرى ثم أمر محمد ن يزيد الدارمي وهوأحد من صحبه بالبحرين أن يخرج إلى الأعراب ليجمعهم فأتاه منهم خلق كثير فأناخوا بالقندل ووجه إليهم العلوي سليمان بن موسى الشعراني وأمرهم بتطرق البصرة والإيقاع بها ليتمرن الأعراب على ذلك ثم أنهض علي بن أبان وضم إليه طائفة من الأعراب وأمره بإتيان البصرة من ناحية بني سعيد وأمر يحيى بن محمد البحراني بإتيانها مما يلي نهر عدي وضم إليه سائر الأعراب‏.‏

فكان أول من واقع أهل البصرة علي بن أبان وبفراج يومئذ بالبصرة في جماعة من الجند فأقام يقاتلهم يومين ومال الناس نحوه‏.‏

وأقبل يحيى بن محمد فيمن معه نحوالجسر فدخل علي بن أبان وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شوال فأقام يقتل ويحرق يوم الجمعة وليلة السبت ويوم السبت وغادي يحيى البصرة يوم الأحد فتلقاه بفراج وبرية في جمع فردوه فرجع يومه ذلك‏.‏

ثم غاداهم اليوم الآخر فدخل وقد تفرق الجند وهرب برية وانحاز بفراج ومن معه ولقيه

إبراهيم بن يحيى المهلبي فاستأمنه لأهل البصرة فأمنهم فنادى منادي إبراهيم‏:‏ من أراد الأمان فليحضر دار إبراهيم فحضر أهل البصرة قاطبة حتى ملأوا الرحاب فلما رأى اجتماعهم انتهز الفرصة لئلا يتفرقوا فغدر بهم وأمر أصحابه بقتلهم فكان السيف يعمل فيهم وأصواتهم مرتفعة بالشهادة فقتل ذلك الجمع كله ولم يسلم إلا النادر منهم ثم انصرف يومه ذلك إلى الحربية‏.‏

ودخل علي بن أبان الجامع فأحرقه وأحرقت البصرة في عدة مواضع منها المربد وزهران وغيرهما واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل وعظم الخطب وعمها القتل والنهب والإحراق وقتلوا كل من رأوا بها فمن كان من أهل اليسار أخذوا ماله وقتلوه ومن كان فقيرًا قتلوه لوقته وبقوا كذلك عدة أيام‏.‏

ثم أمر يحيى أن ينادي بالأمان ليظهروا فلم يظهر أحد ثم انتهى الخبر إلى الخبيث فصرف علي بن أبان عنها وأقر يحيى عليها لموافقته هواه في كثرة القتل وصرف عليًا لإبقائه على أهلها فهرب الناس على وجوههم وصرف الخبيث جيشه عن البصرة‏.‏

فلما أخبر البصرة إلى يحيى بن زيد وذلك لمصير جماعة من العلويين إليه وكان فيهم علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد وجماعة من نسائهم فترك الانتساب إلى عيسى بن زيد

وانتسب إلى يحيى بن زيد قال القاسم بن الحسن النوفلي‏:‏ كذب إن يحيى لم يعقب غير بنت ماتت وهي ترضع‏.‏

  ذكر مسير المولد لحرب الزنج

وفيها في ذي القعدة أمر المعتمد أحمد المولد بالمسير إلى البصرة لحرب الزنج فسار فنزل الأبلة وجاء برية فنزل البصرة واجتمع إليه من أهلها خلق كثير فسير العلوي إلى حرب المولد يحيى بن محمد فسار غليه فقاتله عشرة أيام ثم وطن المولد نفسه على المقام فكتب العلوي إلى يحيى يأمره بتبييت المولد ووجه إليه الشذا مع أبي الليث الأصفهاني فبيته ونهض المولد فقاتله تلك الليلة ومن الغد إلى العصر ثم انهزم عنه‏.‏

ودخل الزنج عسكره فغمنوا ما فيه فاتبعه إلى الجامدة فأوقع بأهلها ونهب تلك القرى جيمعها وسفك ما قدر عليه من الدماء ثم رجع إلى نهر معقل‏.‏

  ذكر قصد يعقوب فارس وملكه بلخ وغيرها

وفي هذه السنة سار يعقوب بن الليث إلى فارس فأرسل إليه المعتمد ينكر ذلك عليه فكتب إليه الموفق بولاية بخ وطخارستان وسجستان والسند فقبل ذلك وعاد وسار إلى بلخ وطخارستان فلما وصل إلى بلخ نزل بظاهرها وخرب نوشاد وهي أبنية كان بناها داود بن العباس ابن ماجور خارج بلخ‏.‏

ثم سار يعقوب من بلخ إلى كابل واستولى عليها وقبض على زنبيل وأرسل رسولًا إلى الخليفة ومعه هدية جليلة المقدار وفيها أصنام أخذها من كابل وتلك البلاد وسار إلى بست فأقام بها سنة‏.‏

وسبب إقامته أنه أراد الرحيل فرأى بعض قواده قد حمل بعض أثقاله فغضب وقال‏:‏ أترحلون قبلي وأقام سنة ثم رجع إلى سجستان ثم عاد إلى هراة وحاصر مدينة كروخ حتى أخذها ثم سار إلى بوشنج وقبض على الحسين بن طاهر بن الحسين الكبير وأنفذ إليه محمد بن طاهر ابن عبد الله فسأله إطلاقه وهم عم أبيه الحسين بن طاهر فلم يفعل وبقي في يده‏.‏

  ذكر ملك الحسن بن زيد العلوي جرجان

وفي هذه السنة قصد الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان جرجان واستولى عليها وكان محمد بن طاهر أمير خراسان لما بلغه ذلك من عزم الحسن على قصد جرجان قد جهز العساكر فأنفق عليها أموالًا كثيرة وسيرها إلى جرجان لحفظها فلما قصدها الحسن لم يقوموا له وضعف حينئذ محمد بن طاهر وانتقض عليه كثير من الأعمال التي كان يجيء خراجها إليه فلم يبق في يده إلا بعض خراسان وأكثر ذلك مفتون بالمتغلبين في نواحيها والشراة الذين يعيثون في عمله فلا يمكنه دفعهم فكان ذلك سبب تغلب يعقوب الصفار على خراسان كما نذكره سنة تسع وستين ومائتين إن شاء الله تعالى‏.‏

  ذكر عدة حوادث

وفيها أخذ أحمد المولد سعد بن أحمد بن سعد الباهلي وكان قد تغلب على البطائح وأفسد الطريق وحمل إلى سامرا فضرب سبع مائة سوط فمات وصلب ميتًا‏.‏

وحج بالناس الفضل بن إسحاق بن الحسن بن إسماعيل بن العباس بن محمد بن علي‏.‏

وفيها وثب بسيل المعروف بالصقلبي وإمنا قيل له الصقلبي وهومن بيت المملكة لأن أمه صقلبية على ميخائيل بن توفيل ملك الروم فقتله وكان ملك ميخائيل أربعًا وعشرين سنة وملك بسيل الروم‏.‏

وفيها أقطع المعتمد مصر وأعمالها لياركوج التركي فأقر عليها أحمد بن طولون‏.‏

وفيها فارق عبد العزيز بن أبي دلف الري من غير خوف وأخلاها فأرسل إليها الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان القاسم بن علي بن القاسم بن علي العلوي المعروف بدليس فغلب عليها فأساء السية في أهلها جدا وقلعوا أبواب المدينة وكانت من حديد وسيرها إلى الحسن بن زيد وبقي كذلك نحوثلاث سنين‏.‏

وفيها خرج علي بن مساور الخارجي وخارجي آخر اسمه طوق من بني زهير فاجتمع إليه أربعة آلاف فسار إلى أذرمة فحاربه أهلها فظفر بهم فدخلها بالسيف وأخذ جارية بكرًا بجعلها فيئا وافتضها في المسجد فجمع عليه الحسن بن أيوب بن أحمد العلوي جمعًا كثيرا فحاربه فقتله وقطع رأسه وأنفذه إلى سامرا‏.‏

وفيها قتل محمد بن خفاجة أمير صقلية قتله خدمه نهارا وكتموا قتله فلم يعرف إلا من الغد وكان الخدم الذين قتلوه قد هربوا فطلبوا فأخذوا وقتل بعضهم ولما قتل استعمل محمد بن أحمد بن الأغلب على صقلية أحمد بن يعقوب بن المضاء بن سلمة فلم تطل أيامه ومات سنة ثمان وخمسين ومائتين‏.‏

وفيها توفي الحسن بن عمر العبدي وكان مولده سنة خمسين ومائة بسر من رأى‏.‏

وفيها توفي أبوالفضل العباس بن الفرج الرياشي اللغوي من كبارهم وروى عن الأصمعي وغيره‏.‏

  حوادث سنة ثمان وخمسين ومائتين

  ذكر قتل منصور بن جعفر الخياط

في هذه السنة قتل منصور بن جعفر الخياط وكان سبب قتله أن اللوي البصري لما فرغ من أمر البصرة أمر علي بن أبان بالمسير إلى جي لحرب منصور ابن جعفر وهويلي يومئذ الأهواز وأقام بإزائه شهرا وكان منصور في قلة من الرجال فأتى عسكر علي وهوبالخيزرانية‏.‏

ثم إن الخبيث صاحب الزنج وجه إلى علي باثنتي عشرة شذاة مشحونة بجلة أصحابه وولى أمرهم أبا الليث الأصبهاني وأمره بطاعة علي فلما صار إلى خالفه واستبد عليه وجاء منصور كما كان يجيء للحرب فتقدم إليه أبوالليث عن غير إذن علي فظفر به منصور وبالشذوات التي معه وقتل فيها من البيض والزنج خلقًا كثيرا وأفلت أبوالليث ورجع إلى الخبيث‏.‏

ثم إن عليًا وجه طلائع يأتونه بخبر منصور وأسرى إلى وال كان لمنصور كرنبا فقتله وقتل أكثر أصحابه وغمن ما كان معهم ورجع‏.‏

وبلغ الخبر منصورا فأسرى إلى الخيزرانية وخرج إليه علي فتحاربوا إلى الظهر ثم انهزم منصور وتفرق عنه أصحابه وانقطع عنهم وأدركته طائفة من الزنج فحمل عليهم وقاتلهم حتى تكسر رمحه وفني نشبه ثم حمل حصانه ليعبر النهر فوقع في النهر ولم يعبره‏.‏

وكان سبب وقوعه أن بعض الزنج رآه حين أراد أن يعبر النهر فألقى نفسه في النهر قبل منصور وتلقى الفرس حين وثبت فنكص فلما سقط في النهر قتله الأسور وأخذ سلبه وقتل معه أخوه خلف بن جعفر وغيره فولي ياركوج ما كان إلى منصور بن جعفر من العمل‏.‏

  ذكر مسير أبي أحمد إلى الزنج وقتل مفلح

وفيها في ربيع الأول عقد المعتمد لأخيه أبي أحمد على ديار مصر وقنسرين والواصم وخلع عليه وعلى مفلح في ربيع الآخر وسيرهما إلى حرب الزنج بالبصرة وركب المعتمد معه يشيعه وسار نحوالبصرة ونازل العلوي وقاتله‏.‏

وكان سبب تسييره ما فعله بالبصرة واكبر الناس ذلك وتجهزوا إليه وساروا في عدة حسنة كاملة وصحبه من سوقة بغداد خلق كثير‏.‏

وكان علي بن أبان يجي على ما ذكرنا وسار يحيى بن محمد البحراني إلى نهر العباس ومعه أكثر الزنوج فبقي صاحبهم في قلة من الناس وأصحابه يغادون البصرة ويراوحونها لنقل ما نالوه

منها فلما نزل عسكر أبي أحمد بنهر معقل احتفل من فيه من الزنوج إلى صاحبهم مرعوبين وأخبروه بعظم الجيش وأنهم لم يرد عليهم مثله وأحضر رئيسين من أصحابه فسألهما عن قائد الجيش فلم يعرفاه فجزع وارتاع‏.‏

ثم أرسل إلى علي بن أبان يأمره بالمسير إليه فيمن معه فلما كان يوم الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى أباه بعض قواده فأخبره بمجيء العسكر وتقدمهم وأنهم ليس في وجوههم من يرده من الزنوج وكذبه وسبه وأمر فنودي في الزنوج بالخروج إلى الحرب فخرجوا فرأوا مفلحًا قد أتاهم في عسكر لحربهم فقاتلهم فبيمنا مفلح يقاتلهم إذ أتاه سهم غرب لا يعرف من رمي به فأصابه فرجع وانهزم أصحابه وقتلوا فيهم قتلًا ذريعا وحملوا الرؤوس إلى العلوي واقتسم الزنج لحوم القتلى‏.‏

فأتي بالأسرى فسألهم عن قائد الجيش فأخبروه أنه أبواحمد ومات مفلح من ذلك السهم فلم يلبث العلوي إلا يسيرًا حتى وافاه علي بن أبان‏.‏

ثم إن أبا احمد رحل نحوالأبلة ليجمع ما فرقته الهزيمة ثم سار إلى نهر أبي الأسد ولما علم الخبيث كيف قتل مفلح ولم ير أحدًا يدعي قتله زعم أنه هوالذي قتله وكذب فإنه لم يحضره‏.‏

وفيها اسر يحيى بن محمد البحراني قائد صاحب الزنج وكان سبب ذلك أنه لما سار نحونهر العباس لقيه عسكر أصعجور عامل الأهواز بعد منصور وقاتلهم وكان أكثر منهم عددا فنال ذلك العسكر من الزنج بالنشاب وجرحوهم فعبر يحيى النهر إليهم فانحازوا عنه وغمن سفنًا كانت مع العسكر فيها الميرة وساروا بها إلى عسكر صاحب الزنج على غير الوجه الذي فيه علي بن أبان لتحاسد كان بينه وبين يحيى‏.‏

ووجه يحيى طلائعه إلى دجلة فلقيهم جيش أبي أحمد الموفق سائرين إلى نهر أبي الأسد فرجعوا إلى علي فأخبروه لمجيء الجيش فرجع من الطريق الذي سلكه وسلك نهر العباس وعلى فم النهر شذوات لحمية من عسكر الخليفة فلما رآهم يحيى راعه ذلك وخاف أصحابه فنزلوا السفن وعبروا النهر ولقي يحيى ومن معه بضعة عشر رجلا فقاتلهم هووذلك النفر اليسير فرموهم بالسهام فجرح ثلاث جراحات فلما جرح تفرق أصحابه عنه ولم يعرف حتى يؤخذ فرجع حتى دخل بعض السفن وهومثخن بالجراح‏.‏

وأخذ أصحاب السلطان الغنائم وأخذوا السفن وعبروا إلى سفن كانت للزنج فأحرقوها ووتفرق لزنج عن يحيى بقية نهارهم فلما رأى تفرقهم ركب سميرية واخذ معه طبيبًا لأجل الجراح وسار فيها فرأى الملاحون سميريات السلطان فخافوا فألقوا يحيى ومن معه على الأرض فمشى وهومثقل وقام الطبيب الذي معه فأتى أصحاب السلطان فأخبرهم خبره فأخذوه وحملوه إلى أبي أحمد فحمله أبوأحمد إلى سامرا فقطعت يداه ورجلاه ثم قتل فجزع الخبيث والزنوج عليه جزعًا كبيرا وقال لهم‏:‏ لما قتل يحيى اشتد جزعي عليه فخوطبت أن قتله كان خيرًا لك إنه كان شرهًا‏.‏

  ذكر عود أبي أحمد إلى واسط

وفيها انحاز أبوأحمد من موضعه إلى واسط وكان سبب ذلك أنه لما سار إلى نهر أبي الأسد كثرت الأمراض في أصحابه وكثر فيهم الموت فرجع إلى باذاورد فأقام به وأمر بتجديد الآلات وإعطاء الجند أرزاقهم وإصلاح المسيريات والشذأن وشحنها بالقواد وعاد إلى عسكر صاحب الزنج وأمر جماعة من قواده بقصد مواضع سماها من نهر أبي الخصيب وغيره وبقي معه جماعة فمال أكثر الخلق حين التقى الناس ونشبت الحرب إلى نهر أبي الخصيب وبقي أبوأحمد في قلة من أصحابه فلم يزل عن موضعه خوفًا أن يطمع الزنج‏.‏

ولما رأى الزنج قلة من معه طمعوا فيه وكثروا عليه واشتدت الحرب عنده وكثر القتل والجراح وأحرق أصحاب أبي أحمد منازل الزنوج واستنقذوا من النساء جمعًا كثيرا ثم ألقى

الزنج جدهم نحوه فلما رأى أبوأحمد ذلك علم أن الحزم في الحاجزة فأمر أصحابه بالرجوع إلى سفنهم على مهل وتؤدة‏.‏

واقتطع الزنج طائفة من أصحابه فقاتلوهم فقتلوا من الزنج خلقًا كثيرا ثم قتلوا جميعهم وحملت رؤوسهم إلى قائد الزنج وهي مائة رأس وعشرة أرؤس فزاد ذلك في عتوه‏.‏

ونزل أوأحمد في عسكره بباذاورد فأقام يعبئ أصحابه للرجوع إلى الزنج فوقعت نار في أطراف عسكره في يوم ريح عاصف فاحترق كثير منه فرحل منها إلى واسط فلما نزل واسط تفرق عنه عامة أصحابه فسار منها إلى سامرا واستخلف على واسط لحرب العلوي محمد بن المولد‏.‏

  ذكر عدة حوادث

وفيها وقع الوباء في كور دجلة فهلك منها كثير ببغداد وواسط وسامرا وغيرها‏.‏

وفيها قتل سرسجارس ببلاد الروم مع جماعة كثيرة من أصحابه‏.‏

وفيها كانت هدة عظيمة هائلة بالصيمرة ثم سمع من ذلك اليوم هدة أعظم من الأولى فانهدم اكثر المدينة وتساقطت الحيطان وهلك من أهلها زهاء عشرين ألفًا‏.‏

وفيها مات ياركوج التركي في رمضان وصلى عليه أبوعيسى بن المتوكل وكان صاحب مصر ومقطعها ودعي له فيها أحمد بن طولون فلما توفي استقل أحمد بمصر‏.‏

وفيها كانت وقعة بين أصحاب موسى بن بغا وأصحاب الحسن بن زيد العلوي فانهزم أصحاب الحسن‏.‏

وفيها أسر مسرور البلخي جماعة من أصحاب مساور الشاري وسار مسرور إلى البوازيج فلقي مساور هناك فكان فيها بينهما وقعة اسر فيها من أصحاب مسرور جماعة ثم انصرف في ذي الحجة إلى سامرا واستخلف على عسكره بحديثة الموصل جعلان‏.‏

وفيها رجع أكثر الناس من القرعاء خوف العطش وسلم من سار إلى مكة وحج بالناس الفضل بن إسحاق بن الحسن‏.‏

وفيها أوقع بأعراب بتكريت كانوا أعانوا مساورًا الشاري‏.‏

وفيها أوقع مسرور البلخي بالأكراد اليعقوبية فهزمهم وأصاب فيها‏.‏

وفيها صار محمد بن واصل في طاعة السلطان وسلم فارس إلى محمد بن الحسن بن أبي الفياض‏.‏

وفيها أسر جماعة من الزنج كان فيهم قاض كان لهم بعبادان فحملوا إلى سامرا فضربت أعناقهم‏.‏

وفيها توفي محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الدهلي النيسابوري وله مع البخاري حادثة ظلمه بها حسدًا له ليس هذا مكان ذكرها‏.‏

وفيها توفي يحيى بن معاذ الرازي الواعظ في جمادى الأولى وكان عابدًا صالحًا صحب أبا يزيد وغيره‏.‏

  حوادث سنة تسع وخمسين ومائتين

  ذكر دخول الزنج الأهواز

وفيها في رجب دخلت الزنج الأهواز وكان سببه أن العلوي أنفذ علي بن أبان المعلبي وضم إليه الجيش الذي كان مع يحيى بن محمد البحراني وسليمان بن موسى الشعراني وسيره إلى الأهواز‏.‏

وكان المتولي لها بعد منصور بن جعفر رجل يقال له أصعجور فبلغه خبر الزنج فخرج إليهم والتقى العسكران بدشت ميسان فانهزم أصعجور وقتل معه ثيرك وجرح خلق كثير من أصحابه وغرق أصعجور وأسر خلق كثير فيهم الحسن بن هرثمة والحسن بن جعفر وحملت الرؤوس والأعلام والأسرى إلى الخبيث فأمر بحبس الأسرى ودخل الزنج الأهواز فأقاموا

  ذكر مسير موسى بن بغا لحرب الزنج

وفيها في ذي القعدة أمر المعتمد موسى بن بغا بالمسير إلى حرب صاحب الزنج فسير إلى الأهواز عبد الرحمن بن مفلح وإلى البصرة إسحاق بن كنداجيق وإلى باذاورد إبراهيم بن سيما وأمرهم بمحاربة صاحب الزنج‏.‏

فلما ولي عبد الرحمن الأهواز سار إلى محاربة علي بن أبان فتواقعا فانهزم عبد الرحمن ثم استعد وعاد إلى علي فأوقع به وقعة عظيمة قتل فيها من الزنج قتلًا ذريعا وأسر خلقًا كثيرا وانهزم علي بن أبان والزنج ثم أراد ردهم فلم يرجعوا من الخوف الذي دخلهم من عبد الرحمن فلما رأى ذلك أذن لهم بالانصراف فانصرفوا إلى مدينة صاحبهم‏.‏

ووافى عبد الرحمن حصن مهدي ليعسكر به فوجه إليه صاحب الزنج علي بن أبان فواقعه فلم يقدر عليه ومضى يريد الموضع المعروف بالدكة وكان إبراهيم بن سيما بالباذاورد فواقعه علي بن أبان فهزمه علي بن أبان ثم واقعه ثانية فهزمه إبراهيم فمضى علي في الليل ومعه الأدلاء في الآجام حتى انتهى إلى نهر يحيى‏.‏

وانتهى خبره إلى عبد الرحمن فوجه إليه طاشتمر في جمع من الموالي فلم يصل إليه لامتناعه

بالقصب والحلافي فأضرمها عليه نارا فخرجوا منها هاربين فأسر منهم أسرى وانصرف أصحاب عبد الرحمن بالأسرى والظفر‏.‏

ثم سار عبد الرحمن نحوعلي بن أبان بمكان نزل فيه فكتب علي إلى صاحب الزنج يستمده فأمده بثلاث عشرة شذاة ووافاه عبد الرحمن فتواقعا يومهما فلما كان الليل انتخب علي من أصحابه جماعة ممن يثق بهم وسار وترك عسكره ليخفي أمره وأتى عبد الرحمن من ورائه فبيته فنال منه شيئًا يسيرا وانحاز عبد الرحمن فأخذ علي منهم أربع شذوات وأتى عبد الرحمن دولاب فأقام به‏.‏

وسار طاشتمر إلى علي فوافاه وقاتله فانهزم علي إلى نهر السدرة وكتب يستمد عبد الرحمن فأخبره بانهزام علي عنه فأتاه عبد الرحمن وواقع عليًا نهر السدرة وقعة عظيمة فانهزم علي إلى الخبيث وعسكر عبد الرحمن بلنبان فكان هووإبراهيم بن سيما يتناوبان المسير إلى عسكر الخبيث فيوقعان به وإسحاق بن كنداجيق بالبصرة وقد قطع الميرة عن الزنج فكان صاحبهم يجمع أصحابه يوم محاربة عبد الرحمن وإبراهيم فإذا انقضت الحرب سير طائفة منهم إلى البصرة يقاتل بهم إسحاق فأقاموا كذلك بضعة عشر شهرًا إلى أن صرف موسى بن بغا عن حرب الزنج ووليها مسرور البلخي فانتهى الخبر بذلك إلى الخبيث‏.‏

وفيها في شوال دخل يعقوب بن الليث نيسابور وكان سبب مسيره إليها أن عبد الله السجزي كان ينازع يعقوب بسجستان فلما قوي عليه يعقوب هرب منه إلى محمد بن طاهر فأرسل يعقوب يطلب من ابن طاهر أن يسلمه إليه فلم يفعل فسار نحوه إلى نيسابور فلما قرب منها وأراد دخولها وجه محمد بن طاهر يستأذنه في تلقيه فلم يأذن له‏!‏ فبعث بعمومته وأهل بيته فتلقوه‏.‏

ثم دخل نيسابور في شوال فركب محمد بن طاهر فدخل إليه في مضربه فساءله ثم وبخه على تفريطه في عمله وقبض على محمد بن طاهر وأهل بيته واستعمل على نيسابور وأرسل إلى الخليفة يذكر تفريط محمد ابن طاهر في عمله وأن أهل خراسان سألوه المسير إليهم ويذكر غلبة العلويين على طبرستان وبالغ في هذا المعنى فأنكر عليه ذلك وأمر بالاقتصار على ما أسند إليه وإلا يسلك معه مسلك المخالفين‏.‏

وقيل كان سبب ملك يعقوب نيسابور ما ذكرناه سنة سبع وخمسين من ضعف محمد بن طاهر أمير خراسان فلما تحقق يعقوب ذلك وأنه لا يقدر على الدفع سار إلى نيسابور وكتب إلى محمد بن طاهر يعلمه أنه قد عزم على قصد طبرستان ليمضي ما أمره الخليفة في الحسن بن زيد المتغلب عليها وأنه لا يعرض لشيء من عمله ولا لأحد من أسبابه‏.‏

وكان بعض خاصة محمد بن طاهر وبعض أهله لما رأوا إدبار أمره مالوا إلى يعقوب فكاتبوه واستدعوه وهونوا على محمد أمر يعقوب من نيسابور فأعلمه أنه لا خوف عليه منه وثبطوه عن التحرز منه فركن محمد إلى قولهم حتى قرب يعقوب من نيسابور فوجه إليه قائدًا من قواده يطيب قلبه وأمره بمنعه عن الأنتزاح عن نيسابور إن أراد ذلك‏.‏

ثم وصل يعقوب إلى نيسابور رابع شوال وأرسل أخاه عمروبن الليث إلى محمد بن طاهر فأحضره عنده فقبض عليه وقيده وعنفه على إهماله عمله وعجزه عن حفظه ثم قبض على جميع أهل بيته وكانوا نحوًا من مائة وستين رجلا وحملهم إلى سجستان واستولى على خراسان ورتب في الأعمال نوابه‏.‏

وكانت ولاية محمد بن طاهر إحدى عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام‏.‏

  ذكر ظهور ابن الصوفي بمصر ثانيًا

وفيها عاد ابن الصوفي العلوي فظهر بمصر وقد ذكرنا سنة ست وخمسين ظهوره وهربه إلى الواحات فأحم نفسه ودعا الناس إلى نفسه فتبعه خلق كثير وسار بهم إلى الأشمونين فوجه إليه جيش عليهم قائد يعرف باب أبي الغيث فوجده قد أصعد إلى لقاء أبي عبد الرحمن فلما وصل العلوي إلى العمري اتقيا فكان بينهما قتال شديد أجلت الوقعة عن انهزام العلوي فولى منهزمًا إلى أسوان فعاث فيها وقطع كثيرًا من نخلها‏.‏

فسير إليه ابن طولون جيشًا وأمرهم بطلبه أين كان فسار الجيش في طلبه فولى هاربًا إلى عيذاب وعبر البحر إلى مكة وتفرق أصحابه فلما وصل إلى مكة بلغ خبره إلى واليها فقبض عليه وحبسه ثم سيره إلى ابن طولون فلما وصل إلى مصر أمر به فطيف به في البلد ثم سجنه مدة وأطلقه ثم رجع إلى المدينة فأقام بها إلى أن مات‏.‏